نظرية التغلغل الاجتماعي (Social Penetration Theory)
نظرية التغلغل الاجتماعي هي نظرية نفسية تشرح كيف تتطور العلاقات بين الأفراد من خلال عملية تدريجية من الإفصاح عن الذات. تم تطويرها من قبل إيروين ألتمان ودالمس تايلور عام 1973، وتستخدم استعارة تقشير طبقات البصل لوصف كيف تنتقل العلاقات من مستويات سطحية إلى مستويات أكثر عمقًا وحميمية.
المكونات الرئيسية لنظرية التغلغل الاجتماعي :
الإفصاح عن الذات :
- الإفصاح عن الذات هو جوهر النظرية، ويشير إلى عملية مشاركة المعلومات الشخصية مع الآخرين.
- يتضمن الكشف عن الأفكار والمشاعر والتجارب والقيم، مما يساعد على تعميق العلاقات بمرور الوقت.
العمق والعرض :
- العرض: يشير إلى مجموعة المواضيع التي يتم مناقشتها في العلاقة (مثل الهوايات، الأسرة، العمل).
- العمق: يشير إلى مدى عمق وشخصية المعلومات التي يتم مشاركتها.
- تبدأ العلاقات بمناقشة مواضيع واسعة وسطحية، وتنتقل تدريجيًا إلى مواضيع أعمق وأكثر خصوصية مع بناء الثقة.
مراحل تطور العلاقة: تصف النظرية أربع مراحل تمر بها العلاقات :
- مرحلة التوجيه :
- التفاعلات الأولية التي تتسم بمستويات منخفضة من الإفصاح عن الذات.
- تكون المحادثات مهذبة وسطحية وتتبع الأعراف الاجتماعية.
- مرحلة الاستكشاف العاطفي :
- يشارك الأفراد المزيد من الآراء الشخصية والتفضيلات والمشاعر.
- غالبًا ما تتطور الصداقات في هذه المرحلة.
- المرحلة العاطفية :
- يتم بناء القرب العاطفي والثقة بين الأفراد.
- تشمل المحادثات مواضيع أعمق مثل المعتقدات والمخاوف والقيم الشخصية.
- مرحلة الاستقرار :
- تسود الصراحة الكاملة والصدق بين الأفراد.
- يتم تبادل الأفكار والمشاعر بشكل حر وصريح.
- مرحلة الانحدار (اختيارية) :
- إذا ضعفت العلاقة، يقل عمق وعرض الإفصاح عن الذات.
- قد يؤدي ذلك إلى الانسحاب العاطفي أو إنهاء العلاقة.
التبادلية :
- الإفصاح عن الذات غالبًا ما يكون متبادلاً؛ أي أن مشاركة شخص ما تشجع الطرف الآخر على المشاركة أيضًا.
- التبادل المتبادل يبني الثقة ويعزز التقارب.
نموذج البصل :
تشبه النظرية طبقات البصل لتمثيل مستويات الإفصاح عن الذات :
- الطبقات الخارجية : معلومات عامة وبسيطة (مثل الاسم، العمل، الهوايات).
- الطبقات الوسطى : التفضيلات الشخصية والآراء والمعتقدات.
- الطبقات الداخلية : المشاعر العميقة والمخاوف والأسرار والذات الحقيقية.
- النواة : أكثر الجوانب خصوصية وحميمية للفرد.
العوامل المؤثرة على التغلغل الاجتماعي :
- الثقة :
- تتعمق العلاقات فقط عندما يكون هناك ثقة متبادلة وبيئة آمنة للمشاركة.
- الأعراف الثقافية :
- تختلف الثقافات في كيفية ومتى يكشف الأفراد عن المعلومات الشخصية.
- الفروقات الشخصية :
- تؤثر سمات الشخصية مثل الانطوائية أو الانفتاح على سرعة وعمق الإفصاح.
- سياق العلاقة :
- يؤثر نوع العلاقة (مهنية، صداقة، أو رومانسية) على نوع المعلومات التي يتم مشاركتها.
تطبيقات نظرية التغلغل الاجتماعي :
- العلاقات الشخصية :
- يساعد فهم كيفية بناء الثقة والحميمية على تحسين العلاقات الشخصية والرومانسية.
- الإرشاد والعلاج :
- يستخدم المستشارون الإفصاح عن الذات لبناء علاقة جيدة ومساعدة العملاء على الانفتاح.
- ديناميكيات مكان العمل :
- تشجيع الانفتاح بين الزملاء يعزز التعاون والثقة بين أفراد الفريق.
- التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي :
- في السياقات الرقمية، يميل المستخدمون إلى الإفصاح عن المعلومات بسرعة أكبر من التفاعلات الواقعية، مما يؤدي إلى ديناميكيات فريدة.
الانتقادات الموجهة لنظرية التغلغل الاجتماعي :
- افتراض التقدم الخطي :
- يجادل النقاد بأن العلاقات لا تتطور دائمًا بطريقة خطية؛ فقد تتخطى بعض المراحل أو تتراجع.
- التركيز المفرط على الإفصاح :
- تساهم عوامل أخرى مثل التواصل غير اللفظي والتجارب المشتركة في تطوير العلاقات.
- التحيز الثقافي :
- تفترض النظرية معايير إفصاح غربية، والتي قد لا تنطبق عالميًا.
الخلاصة :
تقدم نظرية التغلغل الاجتماعي رؤى قيمة حول كيفية تطور العلاقات من خلال التواصل والمشاركة المتبادلة. ورغم أنها ليست خالية من القيود، تظل إطارًا أساسيًا لفهم الديناميكيات بين الأفراد.
فيديو يشرح النظرية :
إرسال تعليق