بسم الله الرحمن الرحيم
من كورس سيكولوجية العواطف
Psychology of Emotions
نظرية التعلق Attachment Theory
توجد مشاكل عاطفية كثيرة ناقشها الكورس من مفهوم نفسي و علمي، لن أجد الوقت الكافي لتلخيصها كلها، لكن سوف اتحدث بصورة تفصيلية عن مشكلة كبيرة موجودة في مجتمعنا السوداني، و هي مشكلة الإبتزاز العاطفي .. يمارسها الاباء اتجاه الابناء "دي تقريبآ كلنا مافي زول نجى منها 😅😅😅😅"، و يمارسها الازواج و الاصدقاء فيما بينهم، ليس فقط الكبار، بل حتى من قبل الاطفال، انا شخصيآ لاحظتها بصورة مفرطة في طلاب الاساس و التي تقود لمشكلة اخرى في المدارس و هي مشكلة التنمر .. أما بالنسبة للمراهقين و طلاب الثانوي لاحظت انهم غالبآ ما يصبحون عدوانيين بصورة شديدة اتجاه الابتزاز العاطفي ليس إدراكآ منهم، لأنهم لا يملكون الوعي الكافي و الفهم الكامل بأن الممارسات التي تكون ضدهم او القرارات التي لا تتوافق معهم و المُتخذة من قبل الأشخاص الاعلى منهم تصنف على انها ابتزاز عاطفي، لكن ردات افعالهم الشرسة و تمردهم تشابه ردات فعل الانسان الكبير القادر على تمييز الابتزاز العاطفي.
مشكلة الإبتزاز العاطفي ليست موجودة في العلاقات الاجتماعية فقط، بل حتى في العلاقات المهنية، الكثير من المدراء يمارسون إبتزازآ عاطفيآ متعمدآ و بوعي كامل منهم اتجاه الموظفين و الموظفين يمارسونه بدورهم على المواطن، العسكري يمارسه على المدني و المدني يمارسه على العسكري سياسيآ، و لكي نفهم مشكلة الإبتزاز العاطفي بأبعادها النفسية و العاطفية و كيفية التعامل معها و كيفية حماية انفسنا منها، لابد لنا في الاول من المرور على نظرية التعلق attachment theory.
نظرية التعلق هي مفهوم أساسي في علم النفس يفسر كيف تؤثر العلاقات المبكرة، و خاصة مع مقدمي الرعاية، على أنماطنا العاطفية و تؤثر في كيفية ارتباطنا بالآخرين طوال الحياة، طور هذه النظرية عالم النفس البريطاني جون بولبي في منتصف القرن العشرين، و تستند على الفكرة بأن البشر مهيأون بيولوجيآ للبحث عن التعلق بمقدمي الرعاية كالآباء و الاساتذة و غيرهم بهدف البقاء و الأمان النفسي، و قد وسعت عالمة النفس ماري أينسورث هذه النظرية لتحديد أنماط معينة للتعلق، حيث تكشف كيف تؤثر التجارب المبكرة على قدرتنا على تكوين العلاقات و المحافظة عليها. (حا أركز في شرحي للنظرية على الاطفال، لانوا مشكلة الإبتزاز العاطفي عندنا سببها الاساسي طريقة تعاملنا مع الاطفال، يعني مشكلة مصدرها الاساسي الاباء، شئنا ام ابينا، بعداك الاطفال يمارسوها على الاخرين عشان يتحصلوا على حقوقهم، و تصبح بعد ذلك وسيلة لدي الفرد يمارسها حتى بعد ان يصبح عجوز كبير 😅😅😅😅).
🔲 المبادئ الأساسية لنظرية التعلق :
ترتكز نظرية التعلق على أن الأطفال، منذ ولادتهم، يعتمدون بشكل كبير على مقدمي الرعاية للحماية و الدعم و لإحساسهم بالأمان، تؤثر جودة و تناسق الرعاية التي يتلقاها الطفل من مقدم الرعاية الأساسي مباشرة على طريقة تشكيله للعلاقات و إدارته لعواطفه مستقبلآ، ومن خلال هذه التجارب المبكرة، يطور الأطفال "أنماط التعلق" التي تصبح بمثابة قوالب لكيفية تعاملهم مع العلاقات في وقت لاحق من حياتهم، حدد كل من بولبي و أينسورث أربعة أنماط رئيسية للتعلق تصف كيفية تفاعل الأفراد مع الآخرين بناء على تجاربهم المبكرة مع مقدمي الرعاية :
⬅️ 1- التعلق الآمن Secure Attachment :
يشعر الأطفال الذين يتمتعون بتعلق آمن بالأمان و الدعم من قبل الآباء، مما يمكنهم من استكشاف العالم بثقة، عندما تكون استجابات مقدمي الرعاية متسقة و ملائمة، يتعلم الأطفال الثقة بالآخرين و يميلون إلى تكوين علاقات صحية و مستقرة، في مرحلة البلوغ، يميل الأفراد ذوو التعلق الآمن إلى الشعور بالراحة في العلاقات الحميمة، حيث يتمتعون بالاستقلالية و القدرة على بناء علاقات متوازنة و صحية.
⬅️ 2- التعلق القلق (التعلق المتردد) Anxious Attachment :
يتطور هذا النمط عندما تكون استجابات مقدمي الرعاية متقلبة، حيث يكونون أحيانآ مستجيبين و أحيانآ مُهمِلين، مما يجعل الطفل يشعر بالقلق و عدم الأمان، كبالغين، يميل الأفراد ذو التعلق القلق إلى البحث عن القرب و لكن يقلقون بشأن حب الشريك أو التزامه، قد يظهر هذا النمط من خلال الاعتماد العاطفي المفرط و الحاجة المستمرة إلى التأكيد و الطمأنينة (في مجتمعنا السوداني بنلقى النوع دا متفشي بصورة كبيرة بين البنات بغض النظر عن نوع العلاقة التي تربطهم بالطرف الاخر).
⬅️ 3- التعلق التجنبي Avoidant Attachment :
يتشكل هذا النمط عندما يكون مقدمو الرعاية "الآباء مثلآ" غير مستجيبين عاطفيآ أو يبتعدون عن تلبية احتياجات الطفل، مما يدفع الطفل إلى كبت مشاعره و الاعتماد على نفسه كآلية دفاعية، كبالغين، يميل الأفراد ذو التعلق التجنبي إلى تجنب الثقة أو الاعتماد على الآخرين، و يشعرون بعدم الراحة مع القرب، و يقدرون الاستقلالية و يبتعدون عن التعبير عن المشاعر أو إظهار الضعف (متفشي بصورة كبيرة عند الاولاد عكس النوع الاول، لكن لازم ننتبه في بعض الاحيان بكون مصطنع من قبل الاولاد لانوا المجتمع بفرض عليهم انوا ما يعبروا عن حوجتهم العاطفية، لكن ممكن الرجل تلقاهوا على طبيعتوا مع شخص محدد كالزوجة او الام، عشان كدة عادي تلقاهو ما يقدر يقول للاطراف دي "لا" زي ما البنات بقولوا عنهم دا "ولد اموا" او الرجال بقول عنهم دا بخاف من "مرتوا" 😅😅😅😅 .. لكن في الحقيقة يمكن يكون هو فقط اظهر مع اموا او زوجتوا نمط التعلق الحقيقي ليهو و هو التعلق القلق و بصطنع التعلق التجنبي مع الاطراف الاخرين).
⬅️ 4- التعلق المضطرب (غير المنتظم) Disorganized Attachment :
هذا النمط نادر و يحدث غالبآ نتيجة لتجارب مؤلمة أو صدمات شديدة، حيث يتسبب في شعور الطفل بالارتباك بين البحث عن القرب و الخوف منه، في مرحلة البلوغ، يميل الأفراد ذو التعلق المضطرب إلى سلوكيات غير مستقرة في العلاقات، حيث يرغبون في التواصل لكن يخافون من الضعف العاطفي، مما يؤدي إلى عدم استقرار و تشوش في علاقاتهم.
🔹 (انا ليه بديت بأنماط التعلق، لانوا ببساطة بتعكس طفولة الانسان الموجود معاك حاليآ، نوع الرعاية الإتلقاها و هو طفل لسة ما عندو وعي كافي و إدراك، و بالتالي تفهموا و تفهم حوجاته الاساسية و كنتيجة نهائية تفهم كيف تقدر تتعامل معاهوا، لكن بالنسبة لي المهم انك تفهم بعدين لمن نجي نتكلم عن الإبتزاز العاطفي دور نمط التعلق شنو بالضبط في سلوك الإنسان البستغل عواطف الناس عشان يحقق اهدافوا او ياخد حقوقوا، ما عشان تلتمس ليهو العزر عشان تعرف كيف تحمي نفسك من الابتزاز العاطفي و توقفوا، خصوصآ في العلاقات المهنية، اما العلاقات الاجتماعية غالبآ انت بتكون مُلزم مع الطرف الاخر و بالتالي بتحاول تسعي تعالج المشكلة و بالتالي هنا فهمك للاسباب بساعد في انك تلتمس اعزار للطرف الاخر عشان تصل معاهوا للغة تفاهم واضحة، برضوا عشان تفهم انوا افضل انواع التعلق المفروض تمنحوا لأطفالك هو التعلق الآمن، فلازم تكون منتبه لكدة في اسلوب التربية المستخدموا مع اطفالك، و برضوا كأستاذ لازم تكون منتبه لكدة في طريقة التدريس البتستخدمها مع طلابك لأنك بتعتبر واحد من مقدمي الرعاية للاطفال)
🔲 العلم وراء التعلق :
(صراحة اجتهدت كتير عشان ألخص و ابسط الكلام في النقطة دي، مرات بسحوا كلام كبير على المراهقين و مرات بحسوا معقد شديد حتى على امهاتنا و اباءنا 😅😅😅😅 لمن فكرت استخدم اللغة الدارجية، بس عمومآ اختصرت الكلام في فقرة واحدة عشان بس الناس تاخد فكرة انوا نظرية التعلق هي نظرية علمية و ليست نظرية فلسفية)
ترتبط سلوكيات التعلق بشكل كبير بأنظمة المكافأة و التوتر في الدماغ (صراحة كنت في الكورس شايف انوا نقول تعويض افضل من تقول مكافأة)، و خاصة اللوزة الدماغية و تحت المهاد، والتي تتحكم في معالجة الخوف و المكافأة، تؤثر تجارب التعلق على هذه المناطق الدماغية، لهذا السبب، فإن الروابط القوية المبكرة توفر إحساسآ بالأمان و تساعد في تنظيم الاستجابات للتوتر، عندما يشعر الأطفال بالأمان، تتطور مسارات الدماغ بما يساعدهم في التعامل مع التوتر و ضبط المشاعر، و هي سمات تظل مستمرة في مرحلة البلوغ، أما التعلق غير الآمن فيمكن أن يعرقل هذه العمليات، مما يؤدي إلى صعوبات في التنظيم العاطفي و الثقة و الاعتماد على الآخرين.
🔲 تأثير التعلق على العلاقات في مرحلة البلوغ :
يؤثر نمط التعلق في :
🔹 الحميمية و الثقة :
يميل الأفراد ذوو التعلق الآمن إلى الشعور بالراحة مع القرب، بينما قد يواجه ذو التعلق التجنبي أو القلق صعوبة في الثقة أو الضعف.
🔹حل النزاعات :
يتميز الأفراد الآمنون في التعلق بالتواصل المفتوح، بينما قد يؤدي التعلق غير الآمن إلى سلوكيات دفاعية أو عدوانية سلبية.
🔹تقدير الذات و الاستقلالية :
يؤثر التعلق في مدى اعتمادنا على الآخرين في تعزيز ثقتنا بأنفسنا، عادة ما يؤدي التعلق الآمن إلى تحقيق توازن صحي بين الاستقلالية و الاتصال، في حين يمكن أن يؤدي التعلق غير الآمن إلى مشكلات في الاعتماد على الذات أو الخوف من الالتزام.
🔲 قطرة ماء ايجابية عن انماط التعلق :
كانت نظرية التعلق تشير في البداية إلى أن هذه الأنماط ثابتة منذ الطفولة، إلا أن الأبحاث الحديثة تظهر أن أنماط التعلق يمكن أن تتغير بمرور الوقت، خصوصآ من خلال العلاقات الإيجابية أو العلاج النفسي. يهدف العلاج النفسي القائم على التعلق إلى مساعدة الأفراد في فهم أنماط التعلق الخاصة بهم و العمل على تطوير استجابات عاطفية أكثر صحة، فمن خلال الوعي الذاتي و تنظيم المشاعر يفهم الأشخاص أنماط التعلق و بالتالي يتمكنون من إدارة عواطفهم، و من خلال وضع الحدود و بناء الثقة يستطيع الافراد تطوير مهارات التعلق الآمن، مثل وضع حدود صحية و زيادة الثقة في العلاقات المهنية و الإجتماعية، و من خلال بناء علاقات صحية، يمكن للأفراد التحرك نحو نمط التعلق الآمن حتى إذا نشأوا مع نمط غير آمن.
🔲 الخلاصة :
أهمية نظرية التعلق تتلخص في انها توفر رؤية عميقة في السلوك البشري، مبينة كيف تشكل التجارب المبكرة حياتنا العاطفية، إن فهم التعلق يساعدنا في تفسير ردود أفعالنا في العلاقات و يمنحنا أدوات لتعزيز الروابط الصحية مع الآخرين، سواء في العلاقات الرومانسية او المهنية أو الصداقات أو تربية الأبناء، كما انها تفسر كيف يمكن للأفراد استخدام الابتزاز العاطفي كوسيلة للحفاظ على ارتباطهم بالآخرين أو للسيطرة عليهم، و توضح كذلك كيف يمكن لبعض الأشخاص اللجوء إلى الابتزاز العاطفي نتيجة لانعدام الأمان العاطفي الذي قد يكون ناتجآ عن تجارب الطفولة أو البيئة النفسية السابقة، حيث سنناقش ذلك في المقالة القادمة التي تتناول مشكلة الإبتزاز العاطفي.
بنصحكم تخصصوا من وقتكم زمن تبحثوا فيهو اكتر عن النظرية دي، حا تلقوا كتب متاحة في النت تناقش النظرية بمزيد من التفصيل و حا تستفيدوا جدآ منها في حياتكم.
إرسال تعليق