بسم الله الرحمن الرحيم
من كورس سيكولوجية العواطف
طبيعة المشاعر
اول محور من محاور الكورس كان بناقش طبيعة المشاعر، كيف تنشأ و كيف يكتسبها الفرد، محاولآ أن يعطي تفسير علمي و تجارب عملية لفهم طبيعة السلوكيات البشرية .. لخصت المحور في نقاط مهمة من دون التطرق للتفاصيل و التي تمثل الزُبدة التي يجب أن نفهمها، و سوف أناقش هذا المحور من جانبين.
✅ أولآ : المشاعر او العواطف
هناك نوعين من المشاعر هما، المشاعر الأساسية و المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي، يمثلان نوعين مختلفين من التجارب العاطفية، حيث يختلفان في التعقيد و المحفزات و الأدوار التي يلعبانها في السلوك البشري.
◽ المشاعر الأساسية :
المشاعر الأساسية هي مشتركة عالمية و فطرية، مما يعني أنها مبرمجة في بيولوجيتنا، يعني لها ردات فعل نشترك فيها جميعآ و لها دلالات واضحة تظهر على وجوهنا بغض النظر عن ثقافاتنا و ادياننا و مكاننا و جنسنا و اعمارنا، هذه المشاعر يكتسبها الفرد مبكرآ جدآ في طفولته، خلال التسعة أشهر الاولى من عمره، و يُعتقد أنها تطورت لمساعدة البشر في الاستجابة للتحديات الأساسية للبقاء، عرّف عالم النفس بول إيكمان ستة مشاعر أساسية :
السعادة
الحزن
الخوف
الغضب
الاشمئزاز
الدهشة
الخصائص الرئيسية للمشاعر الأساسية :
1- استجابات تلقائية : هي ردود فعل سريعة و تلقائية تجاه المحفزات الخارجية (يعني خلونا ناخد الخوف كمثال، يظهر كردة فعل سريعة عند مواجهة الخطر).
2- تعبيرات عالمية مشتركة بين كل الناس : يتم التعرف على هذه المشاعر عالميآ و يتم التعبير عنها من خلال تعبيرات الوجه، بغض النظر عن الخلفية الثقافية (خلونا ناخد الغضب كمثال، كل الناس بغض النظر عن ثقافتنا و اعمارنا و جنسنا، بت و لا ولد و لا كبير و لا صغير، بنكشر وجوهنا و نضم حواجبينا و نصُرها 😅😅😅😅).
3- طبيعة بيولوجية : ترتبط باستجابات فسيولوجية محددة (لو اخدنا نفس المثال السابق، مع الغضب ممكن يحصل مثلآ زيادة معدل ضربات القلب، عشان كدة بقولوا ليك ابوك الكبير دا ما تزعلوا خصوصآ لو عندو مشاكل قلب 😅😅😅😅).
4- غرض تطوري : تخدم المشاعر الأساسية وظائف البقاء، مثل تجنب الخطر (الخوف)، أو البحث عن الروابط الاجتماعية (السعادة)، أو التعامل مع الفقدان (الحزن).
◽المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي :
المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي أكثر تعقيدآ و تتطلب إحساسآ بالذات و القدرة على تقييم أفعال الفرد و مظهره و سلوكه مقارنة بالمعايير الاجتماعية و التوقعات، يعني تتأثر بالمعايير المجتمعية و الثقافات المختلفة و الجنس و التربية، و من المهم جدآ أن ندرك أن هذه المشاعر تتأثر بالنقاط المذكورة اعلاه لأنها تنشأ خلال العامين او الثلاثة الاولى من طفولة الفرد، هذه الفترة هي التي ينمو فيها وعي الطفل تدريجيآ مدركآ لمجتمعه و بيئته و يكتسب فيها الطفل الاسس التربوية من اسرته، هذه الفترة مصحوبة ايضآ بجوع قوي للطفل للمعرفة و الاكتشاف لكل شئ حوله (يعني ببساطة كدة، الطفل بكون عندو وعي يخلي يميز و يدرك و بالتالي كل شى حوليهو جديد ما جربوا قبل كدة فعايز يعرفوا، و بالتالي كل تصرف يتعمل ليهو و معلومة يتلقاها حا يقابلها نوع من المشاعر الجديدة ترتبط بوعيوا، خلوني ابسطها ليكم، مثلآ لمن تقول ليهو عيب انك تبكي و انت ولد، دي لاحقآ حا ترتبط بوحدة من مشاعر الوعي بالذات و هي الخزي، بالتالي حا يتشكل في وعي الشعور بالعار من البكاء و قس على ذلك) لذلك من المهم جدآ ان ندرك ان هذه المرحلة العمرية من الطفل مرحلة حساسة جدآ و يجب التصرف فيها بوعي كافي، المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي تجعلنا نفكر في كيف يُنظر إلينا من قِبَل الآخرين أو كيف نرى أنفسنا.
أمثلة على المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي تشمل :
الاحساس بالذنب
الاحساس بالخجل
الاحساس بالفخر
الاحساس بالإحراج
الاحساس بالخزي
الاحساس بالغيرة
الخصائص الرئيسية للمشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي :
1- التأمل الذاتي : تتطلب هذه المشاعر مستوى أعلى من التطور الإدراكي، يشمل التأمل الذاتي والمقارنة بالمعايير الاجتماعية (بالنسبة للطفل طبيعي تلقاهوا بقارن نفسوا مع الاخرين، مثلآ اخوهوا او اختوا او صحبوا او غيرهم، المشكلة ما هنا، المشكلة ما تكون انت الكبير دا كأم و لا كأب قاعد تقارن و تفاضل 🙃🙃🙃🙃)، عمومآ لا بد أن نفهم أن عملية المقارنة في هذه المشاعر عملية طبيعية لأنها مرتبطة بالتأمل الذاتي، لذلك يفعلها الكبير و الصغير، و حتى إن حاولنا إيقاف عملية المقارنة نجد أنه من الصعوبة فعل ذلك، لذلك يفضل التعامل بوعي مع هذه العملية، فمثلآ عند حدوث عملية المقارنة يجب ذكر الجوانب الايجابية و السلبية للطرف الاخر و يجب تنبيه الطفل او تذكير نفسك بجوانبك الايجابية و السلبية، و مثال اخر، مثلآ يمكن ان نستخدم سلاح الثقة او يمكن ان نستخدم سلاح التحفيز الايجابي، لانوا عملية المقارنة قد تؤدي الى مشاعر اخرى مرتبطة بالوعي الذاتي مثل الغيرة و الحسد و غيرهما.
2- مدفوعة اجتماعيآ : تحفزها المواقف الاجتماعية و كيف نعتقد أن الآخرين يروننا أو كيف نقيم أنفسنا في السياقات الاجتماعية، لنأخذ مثلآ الفخر ينشأ نتيجة لمواقف اجتماعية (يعني اسي اكرمك بشهادة في المكتب مافي زول عارفها، او اكرمك بنفس الشهادة امام اسرتك و اصدقاءك، اكيد حا تشعر بالفخر في الحالة التانية).
3- مرحلة تنموية : تتطور عادة في وقت لاحق من الطفولة، بمجرد أن يكون للفرد القدرة على الوعي الذاتي (دا الفرق بينا نحن الكبار و الصغار، و بين الاباء و الطلاب، يعني ممكن تحفز الطفل عشان ينجز حاجات كتيرة، لكن هو ما حا يدرك اهمية الانجاز دا لانوا غالبآ حا يكون عملها عشان انت مبسوط منو، فالأفضل تركز انك توضح انك قدر شنو بتكون مبسوط و فرحان من تقعد تشرح ليهو الأهمية، من تجربتي كأستاذ كتير من الاباء بقعدوا يتكلموا كتير مع اولادهم و بناتهم عن مستقبلهم و قرايتهم و انهم المفروض يجتهدوا و كدة و في النهاية ما بسمعوا الكلام، عدم سماع الكلام ناتج من انهم للان م خشوا المرحلة دي، و طبعآ هي ما عندها عمر ثابت، في طالب بكون خشاها اصلا فهو مدرك، دا اكيد ما محتاج تقول ليهو اقرأ زاتوا، و في طالب لسة، فنحن ما حا نلوم الطالب التاني، لكن كوالد او كأم لو بطلت الكلام الكتير و الانتقاد، و ركزت انك تدعم و تحفز و تقوّم، هم تلقائيآ حا يعملوا الانت عايزوا، ليس وعيآ منهم، و لكن لانوا هم لسة في مرحلة التأمل الذاتي، يعني فكرك لمن كبرت و بقيت تقول و الله ابوي و امي كان كلامهم صاح و يا ريت لو سمعت كلامهم من الاول، بتجي تقول كدة ليه، لانك خشيت المرحلة التنموية من الوعي الذاتي فما عايز اولادك يقعوا في نفس غلطتك، لكن ما تنسي انوا نفس المراحل المريت بيها دي حا يمروا بيها اولادك و اولاد اولادك 😅😅😅😅)
4- التعقيد : على عكس المشاعر الأساسية التي لها محفزات واضحة و فورية، غالبآ ما تنطوي المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي على تقييمات داخلية أكثر تعقيدآ، مثل الشعور بالذنب بعد إدراك خطأ أو الفخر بعد إنجاز، او الشعور بالإحراج عند مخالفة لوائح مجتمعية خاصة، كرنين الهاتف عندما يكون مطلوبآ منك وضعه في الصامت.
مما سبق يمكنني أن أقول باختصار، المشاعر الأساسية هي الأساس لتفاعلاتنا الفورية والغريزية، بينما تنشأ المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي من عمليات اجتماعية و إدراكية معقدة تساعد في تشكيل إحساسنا بالذات و توجيه سلوكنا الاجتماعي، كلا النوعين من المشاعر ضروريان للتنقل في الحياة، لكنهما يخدمان أدوارآ مختلفة في تجاربنا النفسية و الاجتماعية.
✅ ثانيآ : الحكم على الآخرين إعتمادآ على مشاعرهم
عند بلوغك لهذه النقطة تكون قد ادركت الفرق بين المشاعر الاساسية و المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي، هنا يأتي السؤال هل نحكم على الاخرين من خلال مشاعرهم الاساسية او من خلال مشاعرهم المرتبطة بالوعي الذاتي ؟
قبل الاجابة على هذا السؤال من المهم أن ندرك، أن الحكم على الاخرين بناء على المشاعر الأساسية أو المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي يعتمد على سياق الموقف و طبيعة التفاعل، كل نوع من هذه المشاعر يكشف عن جوانب مختلفة من سلوك الشخص و شخصيته، لذا من المهم النظر في كل منهما بعناية :
1. الحكم بناءً على المشاعر الأساسية :
المشاعر الأساسية مثل الخوف، الغضب، السعادة، أو الحزن غالبآ ما تكون استجابات تلقائية و غريزية لمحفزات فورية، هذه المشاعر لا تعكس دائمآ القيم الأعمق للشخص أو شخصيته، بل تعكس حالته العاطفية المؤقتة أو رد فعله على حدث معين، فمثلآ، ليس من العدل و الانصاف الحكم على شخص بأنه سيئ او جيد نتيجة لسلوكياته و ردات فعله اثناء غضبه، لأن هذه ردات فعل غريزية و تعكس حالة نفسية مؤقتة لأنها مرتبطة بحالة عاطفية مؤقتة كما أشرنا سابقآ.
لماذا قد لا يكون ذلك منصفآ ؟
يمكن أن يتصرف الناس بشكل اندفاعي أو غير عقلاني عندما تحركهم المشاعر الأساسية، خاصة في المواقف المليئة بالتوتر (على سبيل المثال، رد فعل غاضب في لحظة إحباط)، الحكم على شخص فقط بناءً على هذه التفاعلات قد يؤدي إلى سوء فهم شخصيته بشكل عام (كلنا عارفين كمية الضرر النفسي مثلآ البنحسوا بعد الغضب ما يروح و كيف بنكون ما راضين على تصرفنا اثناء زعلنا، الضرر دا الجانب الاكبر منو هو انوا الاخرين بكون حكموا علينا و انتهى و ممكن نكون خسرناهم و انت جوا نفسك عارف تمامآ انك ما قاصد تقول كدة او تعمل كدة، عايزكم تربطوا الكلام دا بالدين، فالدين وضع لينا توجيهات محددة اثناء الغضب، ما هو الله الخلقك عارفك اكتر من نفسك، فمثلآ لمن يوجهنا الدين كيف نتعامل وقت الغضب، سواء من جهة الزول الغاضب، مثلا لو واقف اقعد او قاعد اقيف، او سواء الطرف المغضوب عليه سواء بالصمت او احتواء الموقف او عدم المجادلة، او زيوا ما بقولوا اهلنا الكبار اتماشى معاهو لمن يهدأ، تعال ناقشوا بعداك حا يسمعك، دي كلها تصرفات و ردات فعل معاكسة لتصرف و ردة فعل الانسان الغاضب، الغرض منها تشتيت ردة فعل الشخص الغاضب)، بالتالي من المهم ان يدرك الانسان نوع المشاعر هل هي اساسية او مرتبطة بالوعي الذاتي حتى يطور اساليب تتناسب مع الطرف الاخر في المواقف المختلفة.
طيب، متى يكون الحكم على الشخص مفيدآ من ناحية المشاعر الاساسية ؟
يمكن أن توفر المشاعر الأساسية نظرة عن مشاعر الشخص الفورية و محفزاته العاطفية، على سبيل المثال، التعبير المتكرر عن الغضب قد يشير إلى إحباطات غير محلولة أو توتر، و مع ذلك، يجب تقييمها بحذر، لأن ردود الفعل العاطفية للناس قد تتغير بسرعة بناءً على الظروف.
2. الحكم بناءً على المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي :
المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي، مثل الشعور بالذنب، الخجل، الفخر، و الإحراج، تعكس بشكل أكبر قيم الشخص و وعيه الذاتي و فهمه الاجتماعي، تنشأ هذه المشاعر من تأمل الشخص في أفعاله و كيف يعتقد أنه يُنظر إليه من قِبَل الآخرين.
لماذا هي أكثر دلالة ؟
هذه المشاعر متجذرة في التأمل الذاتي و الأحكام الأخلاقية، مما يجعلها مؤشرآ أفضل على شخصية الشخص، على سبيل المثال، إذا شعر شخص ما بالذنب بعد ارتكابه خطأ أو بالفخر بعد عمل جيد، فإن ذلك يعكس إطاره الأخلاقي القويم و السليم و كيف يرى نفسه في علاقته بالآخرين، اما اذا حصل العكس فهذا يعكس اطار خلقي غير سليم.
متى يكون الحكم على الاخرين مفيدآ اعتمادآ على مشاعرهم المرتبطة بالوعي الذاتي ؟
تكون المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي مفيدة بشكل خاص عند تقييم كيفية تعامل شخص ما اتجاه العلاقات الاجتماعية و المسؤوليات او القرارات الأخلاقية، هذه المشاعر تظهر مستوى أعمق من النضج و الوعي الذاتي.
خلاصة الكلام :
من الأفضل النظر في النوعين من المشاعر عند الحكم، توفر المشاعر الأساسية نظرة عن كيفية تفاعل الشخص في اللحظة، بينما تعطي المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي صورة أوضح عن شخصيته العامة، قيمه الأخلاقية، و تطوره الشخصي، و لفهم شخص ما حقآ و تقييمه، من الأفضل التركيز بشكل أكبر على المشاعر المرتبطة بالوعي الذاتي لأنها تعكس سلوكه على المدى الطويل و بوصلة ترشدك لقيمه الأخلاقية، في الوقت نفسه يجب عليك اظهار مزيدآ من التعاطف مع تقلبات المشاعر الأساسية الطبيعية لنفس الشخص، فمن الأفضل و العدل و الإنصاف تقدير الجانب الإنساني للشخص دون تشكيل أحكام سريعة أو قاسية بناءً على حالات عاطفية مؤقتة.
إرسال تعليق