كنت أعتقد أن العبد هو الذي يحب الله أولآ حتى يحبه الله، فحين قرأت قول الله تعالى "فسوف يأتي الله بقومٍ يُحبُّهم ويُحبُّونه" بتدبر، علمت أن الذي يحب أولآ هو الله، و كنت أعتقد أن العبد هو الذي يتوب أولآ حتى يتوب الله عليه، حتى قرأت قوله تعالى "ثُمَّ تَابَ عليهم ليتوبوا" بتمعن، فعلمت أن الله هو الذي يلهمك التوبة حتى تتوب، و كنت أيضآ أعتقد أن العبد هو الذي يُرضي الله أولآ ثم يرضى الله عنه، فلما قرأت ثلاث مرات بتأني قوله تعالى "رضي الله عنهم ورضوا عنه" فعلمت أن الله هو الذي يرضى عن العبد أولآ، كل آيات الله توضح ان الله يحبنا و يختارنا ما دمنا نحمل صفة المؤمنين و لا أقول صفة المسلمين، و يكفينا حتى في المصائب وجود حب الله لنا و ليس عقابه لنا، ألم يقل النبي صلى الله عليه و سلم في حديثه الشريف : إن الله إذا أحب عبدآ ابتلاه و النبي ﷺ يقول : أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل و هم أحباب الله، فحتى الابتلاء هو من حب الله لنا ليجزينا و يكافئنا، لأن قدر الله و مشيئته أنه جعل اساس الحياة، أن الجزاء لا يكون مجانآ و ان المكافئة لا تكون مجانآ، فحتى في طبيعة النفس البشرية و في تصريف اعمالنا و قوانينا نفعل ذلك لا اراديآ.
الله أخبرنا و خاطبنا بحبه في مواضع كثيرة، و في ايات كثيرة، و النبي صلى الله عليه و سلم كذلك، فإن كان فهمنا او تفسيرنا لآيات الله خاطئ فذلك منا، و ان كنا ناقصي الايمان فذلك منا، و يكفي ان الله خاطبنا قائلآ : لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا، فكيف نظن ان مصائبنا اكبر من امكانياتنا و سعتنا، و كيف نعتقد ان ما نمر به، فيه هلاكنا و نهايتنا، و الله يصف نفسه بالعادل، و الله يكره الظلم و الظالمين، فكيف ينزل الله علينا مصائب هي اكبر من مقدراتنا ظلمآ بنا، الله خاطبنا بلغة واضحة و بين لنا مقدار حبه لنا و هو الوحيد المستغني الغير محتاج، فاللهم أدم علينا نعمة حبك و لا تحرمنا منها.
إرسال تعليق