كلنا نعرف و لا نختلف ان للحروب مساوئ و ثمن باهظ، لا أحد يحب الحرب، و لا أحد يحب أن يغادر منزله مُجبرآ، و برغم ذلك نعلم جيدآ و نؤمن جيدآ ان الخير فيما قدره الله لنا و فيما إختاره لنا.
دعوني أبدأ من حقيقة ثابتة لا يمكننا تغييرها و هي،لا يوجد أي مجتمع إنساني لا يحمل في تكوينه بذور الفرقة، هذا هو الاساس الذي تقوم عليه جميع المجتمعات، سواء المتحضرة منها او المتأخرة، و لكن ما يمكن ان يجمع المجتمع و يوحده، ركيزتين اثنتين لا غير، الاولى هي الدين بإعتباره ركيزة اساسية تنظم حياة افراد هذا المجتمع و ذلك لإرتباطه بشعائر روحانية و عقدية قوية ترسخ في الفرد اخلاقآ سامية كحب التضحية و التسامح و الكرم و تعزيز قيمة الاسرة و التآخي و غيرها، اما الثانية فهي رقعة جغرافية محددة يرتبط بها الفرد وجدانيآ و عاطفيآ و تاريخيآ، لأنها تحمل تراث اجداده و اسلافه و تضحياتهم و تاريخهم و ذكريات طفولته و مستقبل اولاده، و لأجل ذلك وجب على الفرد ايجاد وسائل لحماية هاتين الركيزتين، و من هنا جاءت فكرة الجيوش، خصوصآ تلك التي تُبنى على عقيدة دفاعية.
خلال ثورة ديسمبر، نمى وعي الشباب بصورة كبيرة اتجاه قضايا مصيرية و مستقبلية، حيث كنت شاهدآ على وعيهم هذا، بحكم مهنتي و بحكم تفاعلي معهم، لكن في ذات الوقت معظمهم تناسوا الدور الاساسي الذي يلعبه الدين في المجتمع، و دور الجيوش في حماية الارض، لأسباب كلنا نعرفها، كنت دائمآ أشعر اننا سوف نمر بمرحلة مصيرية تجعلنا نشعر بتلكما الركيزتين، و ليس إدراك اهميتهما، لأننا كنا نعلم بالفطرة و الوعي اهميتهما، و لكننا لم نكن نستشعر ذلك وجدانيآ و عاطفيآ.
هذه الحرب التي نمر بها الان هي من جعلتنا ننتقل من مرحلة الوعي الى مرحلة اسمى و هي الوعي المرتبط بالعاطفة و الوجدان، هذه الحرب ستجعل من هذا الجيل اكثر إدراكآ بمتطلبات العالم الجديد، اكثر قوة و وحدة، يُفرحني بأن الحرب تُحي فينا ما فقدناه منذ سنين، بقدر ما يُحزنني أنها تقتل الأحباب منا.
إرسال تعليق