كم هو محبط و مخيب للآمال ان تشعر أنك بعيد جدآ كل البعد عن طموحاتك و عن نفسك، كأنك تركت احلامك يومآ ما على فراشك و نهضت، تنظر في وجوه الناس من حولك فتشعر ان شيئآ ما مفقود، تنظر في المرآة فلا تراها -نفسك- و لا تتعرف عليها، كأنها غادرتك ذات يوم حين أثقلتها بالهموم و التفكير، تنظر الى وجهك و تدقق في عينيك ناظرآ اليهما بنفس العينين، فتشعر انهما مرهقتين و متعبتين، و لكنك تعلم عميقآ انك ما زلت تمتلك القدرة على ان تمسك بالاشياء جيدآ، ألا تتنازل عنها سريعآ، ألا تفلتها و تدعها تسقط و من ثم تمضي، و لكنك تستمر في طرح السؤال ذاته -حتى متى ؟- مرارآ و تكرارآ.
ستخسر طبعآ و ستتنازل عن كل هذه الاشياء في النهاية، ستدعها تسقط رويدآ رويدآ امام عينيك، ناظرآ اليها دون ان تحرك ساكنآ، لأن الحياة لا تتمحور على الفوز فقط، تدرك ذلك جيدآ، ادرك انا ذلك جيدآ، الجميع يعلم ذلك اكثر مما يعرفون انفسهم، نتقبل ذلك، نرضى بقضاء الله و قدره و نتعايش معه، الحقيقة الثابتة في هذه الحياة التي ربما لا تريد ان تتقبلها، هي انه يجب عليك ان تخسر اشياء تحبها لتحصل على اشياء اخرى.
تلك ليست معضلة في حد ذاتها، و لكن المشكلة الحقيقية هي اننا نرضى بحياة الفتافيت و بمنهجها، و من ثم نقول حالنا افضل من غيرنا، و كأننا تمت برمجتنا فتافيتيآ، و كأن كل ما حولنا يريدنا أن نعيش على الفتافيت، فتافيت الخبز، فتافيت الكتب، فتافيت الأمل، فتافيت الحلم، فتافيت الوطن، و فتافيت الذكريات و المشاعر.
إرسال تعليق