كانت تقول لي : تزوج بالقصيرة، و صاحب الطويلة، تجنب منهن الكاتبة، و ابغض السمينة، و ابتسم للنحيفة، لا تكتب عنهن رياء، و لا تتغزل الا فيمن تستحق، و لا تهجو منهن بنتآ، و لا تجامل احداهن لجمالها، و لا تفاضل بينهن في دروسك، اكثرهن بؤسآ متصنعة المظاهر، و أسوأهن تعقيدآ القروية، و ايسرهن فهمآ الحضرية، اما جمالهن فهو نسبي.
وجدت في نصيحتها هذه ما كان يسد حوجتي و جوعي بكل تلك الفواكه المختلفة و لكنها لم تنصحني بما هو اعظم و اجل، كما لو انها تركت ذلك للحياة و تجاربها، لم تخبرني بأن الانثى تموت حين يموت شعورها بالأمان و يسقط بعدها احساسها و حبها و كل شئ حتى بيتها الزوجي كسقوط اوراق الشجرة اليابسة، لم تنصحني بأن الانثى تزداد تواضعآ لكل ما يشعرها بقوتها و تزداد تكبرآ لكل ما يشعرها بضعفها فهي تنظر الى الامور بقلبها لا بعينيها، و لا تحب أن تكون في المرتبة الثانية فهي الحقيقة المطلقة التي تجعل المرأة ترفض الزواج المتعدد و هي الحقيقة المطلقة التي تجبرها ان تقبل به اذا ما ضمنت انها دومآ ستكون الاولى، لم تخبرني ان الفتاة التي تتمسك بتعليمها و تفاضله على زواجها و كل ثروات الدنيا، انما تفعل ذلك لتثبت انها لم تعبر الحياة بشكل عادي، حتى و ان كانت النهاية شهادة معلقة على الحائط او مرمية داخل رفوف دولابها لتكسر بذلك القاعدة الاجتماعية التي تفرض دروس التفاضل التي يتلقاها الاولاد على البنات و تفرض رغمآ عن انف المجتمع دروس التكامل، لم تعلمني ما علمني اياه احمد غباشي -ان وجنتا المرأة هما في الواقع نسخة مصغرة من ردفيها، تستطيع أن تفحص المرأة بالكامل إذا ما قرأت وجهها جيدآ، افحص الوجنتين و اطمئن على مستقبلك و لتتأمل كذلك شفتيها إذا أردت أن تطلق لخيالك العنان- الذي حفظ ماء وجهي دون الاسترزال في اسئلة محرجة معها او حتى الخوض في تلك الحوارات التافهة التي تنتقص ادبها و تستبيح حياءها، لم تعلمني ان المرأة عندما تلد طفلها يولد في قلبها حب له اعظم من حبها لامها و ابيها و زوجها فهي بذلك تكون مستعدة للمخاطرة و قطع جذور كل تلك العلاقات او التمسك بها في مخاض من الالم و المعاناة و القهر و لا يهمها اي الخيارين أفضل لها بقدر اهمية اي الخيارين أفضل لطفلها.
قيل في الطاووس الاسود ان المرأة تحب أن تكون إلى جوار رجل بمقدوره أن يصنع الحكايات، و أن يجد لكل موقف ما يماثله من المواقف الشبيهة، التي لن تجعلها فقط تتخذ القرار الذي ترضى عنه، و لكن لتفتح عينيها و عقلها على عالم لم تكن تعتقد أنه موجود، عندها ستشعر بأنها في مركز الدائرة، و أن ذلك الرجل هو محيطها الأقصى في كل الإتجاهات، و لا أظنها تحتاج إلى أكثر من ذلك.
إرسال تعليق