تعرفت عليه صدفة، كان شابآ مسكينآ أرهقه قلبه و فكره، شعرت ان كل هموم الدنيا بدأت تتثاقل عليه، و بدا لي انه فقد رونق ساعات اليوم المتكررة، كنت حينها متجهآ الى الحاج يوسف و كان هو يجلس بقربي، عرفت من مظهره انه طالب و ليس اي طالب بل طالب في سنته الاولى، كانت هيئة البرلوم واضحة في تصرفاته و افعاله و لبسه، فأخذني الفضول ﻷعرف قصته و مشكلته ﻷنني شممت رائحة انثى في الامر، في الحقيقة لدي حاسة سادسة في الشعور بالمشكلات التي سببها البنات، هذه الحاسة ورثتها بعد جهد جهيد و مشاكل لا تنتهي و كدمات و صفعات، لا تستغرب يا رجل اوما علمت ان الانثى تضرب بسوط من حديد، و الغريب في الامر انك تفهم الدرس منها في لحظات، في حين قد يجلس معلمك شهورآ ليعلمك اياها و في النهاية يفشل.
المهم حاولت ان افتعل محادثة مع هذا الشاب، و لكنني احترت من اي باب ادخل به، و في لحظة ما طرأت علي فكرة بسيطة، فأخرجت هاتفي الربيكا و بدأت اضغط على ازراره و انا اراقب هاتف الشاب الجلاكسي الحديث، و بعد قليل قلت له : ارسل لي اغنية .. "حبيبي خلاص ... انا اسف خلاص ... يا روح قلبي خلاص ... انا اسف خلاص"، قد كنت اسمع هذه الاغنية من سماعات هاتفه، لا اعرف حتى من يغنيها و لكني حفظت هذا المقطع، نظر الشاب الي و بدا له اني اسخر منه.
قلت له : احمل هاتفي هذا منذ ستة اشهر و لا اعرف عنه شئ، و الذي تسمونه بلوتوث لم اجده رغم ان لي ذاكرة و استمع دائمآ منها الى الاغاني، و انت تحمل جلكسي فلابد من انك تعرف استخدام هذا الهاتف ﻷني اعتقد ان التعامل مع الهاتف الذكي صعب جدآ، و في تلاحم على الشاب ناولته الهاتف و انا اقول له : هيا هيا هيا ارسل لي الاغنية بسرعة.
ظن الشاب انني جاد فيما افعل فبدأ يضحك كثيرآ و هو يقول لي : انت متخلف ؟
الحق اغاظتني الجملة و لكني تمالكتها، حماقة برلوم لا اكثر، قلت له : لا اعرف شيئآ عن هذه الاشياء و كل ما اعرفه الاتصال و الرد.
نظر الي مسافة و لم يرفع عني نظره، عرفت حينها اين ذهب عقله .. "لا يبدو كبيرآ في السن فكيف لا يعرف حتى التعامل مع هاتفه البسيط هذا، ان ابي يعرف كل شئ، لا بد انه شاب مسكين لم يستعمل اي جهاز من قبل، و لا بد من انه فقير و هذا اول جهاز يستخدمه، لا بد ان صاحب البترينة خدعه و قال له ان به بلوتوث، و انه يدخل الفيس و النت و انه جهاز حديث فصدقه و اشتراه"
لا تستغرب ألم اقل لك انه برلوم، المهم كان هذا هو الباب الذي دخلت منه للشاب و بدأت أتجاذب معه اطراف الحديث، حتى سألته عن تغير احواله.
فقال : دخلت الصين الشعبية و الان ادرس علم الصيدلة و هناك تعرفت على بنت من كلية التجارة، جميلة و حلوة فنبض قلبي لها فأحببتها، و صرت اتقصى اخبارها و احوالها، كنت اترك المحاضرات الغير مهمة و اذهب الى كلية التجارة و و أراقبها و بعد شهر صارحتها بحبي و هي ايضآ ابدت حبها و اعجابها بي.
هنا استوقفته قلت له : دخلت الجامعة و بعد شهر وجدت فتاة احبتك و احببتها
قال : نعم
ضحكت كثيرآ و تحسرت على برالمة الاسلامية، خاصة طلاب كلية الهندسة المنفية عن بقية الكليات، يمر عليهم اسبوع لا يرى الواحد منهم طرحة في فناء الكلية، و يوم يرون طرحة يركضون خلفها و لا يتبقى لهم غير حمل السيوف، في زمني كنا نكتفي بالنظر فقط، المهم ان الصين الشعبية الحب فيها بمعدل الشهر الواحد، لذا مشاكلها الحبية لا تنتهي و اخر احصائية قالها لي دكتور يدرس هناك، ان كل ولد في الصين الشعبية يقابله اربع بنات، بمعنى اخر ان قلب الشاب هناك يتنافس عليه اربع بنات، و رغم ذلك تجد في مجتمعها ان قلب البنت الواحدة يتقاتل عليه عشرة شباب، ﻷن عدد جميلاتها لا يتعدى الخمس، المهم دعونا الان مع الشاب ... طلبت منه الاكمال.
فقال : بعد شهر و نصف من المهاتفات و التواصل و صرف الجنيهات بدأت المشاكل، الى ان افترقنا اليوم.
قلت له : و ما السبب ؟
قال : حصل خلاف بيني و بين صديقتها بالامس و دار بيننا نقاش حاد فغضبت مني، فجاءتني هند اليوم و قالت لي ان الذي بيننا انتهى و لن ارجع لك ابدآ حتى تذهب و تعتزر من صديقتي.
تركت الشاب و ذهب ذهني الي حال الاولاد المساكين، الواحد منهم يصرخ في زميله و صديقه و يختلف معه ﻷجل أنثى، و قد ينقطع الود بينهما بسببها في حين ان الانثى تدافع عن رفيقتها و تجلب لها حقها و لو كان السبب حبيبها، اعرفت لماذا تضرب الانثي بسوط من حديد، و لكن لا تحمل هما بعد الزواج يتغير كل شئ و تنعكس العملية تمامآ، هي بعد الزواج لن تترك لهن فرصة أبدآ و لن تضع صديقتها قبل كل شئ، لذا تزوج اولآ و بعد ذلك فكر في الامور الاخرى.
سألت الشاب : و لماذا تحمل همآ هكذا .. الامر بسيط "تبا لها و لصديقتها"
قال لي : لا اريد ان اخسرها
فقلت له : يا ابني، اولآ ما حصل لمصلحتك، على الاقل ستصرف قريشاتك في امور مفيدة و ستهتم بواجباتك و محاضراتك، ثم ان الطريق امامك طويل و دراسة الصيدلة ليس بالامر السهل، و امور الفتيات و الحب لا يأتي منها الا وجع الرأس، ان البنات اكبر الآفات التي تضر بإنتاج الشاب في مرحلته الجامعية، و رغم ان المجتمع الذي تدرس فيه يغلب عليه طابع التهيكن و التعطب، إلا انك بعون الله ستصبر و ستمر عليك السنين كاللاشئ، و ﻷنك في سنتك الاولى ستجد صعوبة في الامر كحال اي طالب جديد.
فقطع حديثي و قال : لا اود سماع محاضرة منك، قلت لك لا اريد خسارتها.
صمت و نظرت اليه، فعلآ إن العشاق اكبر حمقى على وجه الارض يقودهم القلب فقط لا العقل، افهم شعور هذا الشاب فقد كنت عاشقآ سبع مرات، ألم اقل اني ورثت الحاسة السادسة بعد جهد جهيد و مشاكل لا تنتهي.
المهم قلت له : اذهب و اعتزر من صديقتها و هكذا ينتهي الامر، و لكن صدقني بعد ذلك ستصير خاتمآ في اصبع هند ستلبسه متى تشاء و تنزعه متى تشاء
فقال لي : اذن ماذا افعل ؟
و هنا كان علي ان اتدخل في الامر كمستشار قانوني و بحكم تجاربي السابقة.
.
.
#يتبع ....
إرسال تعليق