هل تتذكرين عندما كان التفكير يهش نخاع رأسك، عندما كنت تدققين بأصغر التفاصيل لكي لا تكون سببآ لأخطاء قاتلة قادمة، و فوق كل ذلك هل تتذكرين ذلك الاحساس بالذنب و انت تبذلين قصار جهدك لتعرفي اسباب ابتعادي عنك، او لماذا احاول دومآ ان اجعل من علاقتنا علاقة نهارية واضحة و لكنها في ذات الوقت هشة، كنت دومآ تقولين لي ان مشاعرك اتجاهي مشاعر طارئة تجيئ و تذهب و مليئة بالنفور، و كأنني في نظرك انني مجرد فتاة ظاهرية، لا يزعفها بريق و لا يرويها شوق و لا يثلج نبضها دفء حب و حنان قلب.
الحقيقة كانت غير ذلك تمامآ، كنت أتجنبك لأنني كنت ارغب بك كما لو انني لم ارغب بأحد من قبل، كنت ارغب بك بنفس مريضة ميالة متطرفة لتستحوذ عليك، كنت ارغب بك بشكل اناني و همجي كما لو أنني تمنيت ان اسجنك بعيدآ عن البشر، كنت ارغب بك اكثر من رغبتك لي، و لكنني كنت اعرف بطريقة او بأخرى، أن تلك الرغبة ستكون قاسية اشد القسوة عليك، ستكون اشد فظاعة مما قد يتخيله عقلك يومآ، بغض النظر عن حقيقة انه قد يخيل لك، انك قد تكونين في امس الحوجة الى هذا النوع من العلاقات خاصة، الذي تجدين فيه إثارة جامحة للإهتمام و رغبة مؤججة للشهوة، إلا أنه قاسي اشد القسوة على فتاة حلوة و هشة مثلك.
اعرف ان طباعي هذه تتصف بالاختلال و تتعبني الى حد الارهاق و لكنها لابد ان تتعبك ايضآ، لطالما حاولت قمعها كما يحاول دكتاتوري قمع الشعب الثائر عليه، لطالما حاولت ان اكون انسانآ طبيعيآ و متزنآ و باردآ نوعآ ما، و لكنني فشلت تمامآ كما افشل دائمآ في صنع علاقة مستقرة، و الفشل تفشى في كل نواحي علاقتنا، لدرجة انني كنت اشرع بالسخرية من نفسي او اجري وراء تخيلات مريعة و فظيعة مستهجنة اتجاه رغبتي بك، و ذلك لأنني كنت اشعر في خضم هذة المعركة أنني اتصنع البرود، و لكي اكون اكثر دقة كنت بارعآ في اصطناع البرود، هذا الامر قادني الى ان اجعل من علاقتنا علاقة ضبابية تظهر في شكل المعاملة البيروقراطية، لتولد في مخيلتك لاحقآ صور انتقامية و إجرامية تحت ستار من الهدوء و اللامبالاة و عزة النفس و الكرامة، و كان لا خيار لي سوى ان اتقبل الحقيقة المرة، التي ابتلعتها بطعم الحنظل، و هي ان اثبت لك انني على الاقل انسان لا مبالي و لكنني لست حيوان، اعني انني اخفيت عنك جانب الحيوان في نفسي الذي كان أكثر سيطرة و أشد قوة من جانب الإنسان.
كنت تريدين رجلآ بشكل الاطفال، حبه كحب الاطفال و ضحكته كضحكة الاطفال و لمسته و قبلته كما الاطفال، و لو كانت هناك طريقة واحدة لكي نكون معآ، لكنت تمسكت بها و عضدت عليها كما يعض اسد جائع فريسته، و لو لم يكن تقريب المسافات بيننا معقدآ الى هذه الدرجة لكنت أغنيتني عن جميع نساء الدنيا، كيف يمكن لحيوان او ان صح التعبير لذئب ان يتقرب من طفلة و ان يحب طفلة، ان ينظر الى فتاة احبها كما ينظر الى طفلته التي انجبها، تمنيت كثيرآ لو كنا في نفس المستوى الحسي، لكنت اكتفيت بك عن كل الجميلات العابرات في حياتي، لشعوري بالخزي منهن و للوضوح الذي ارى من خلاله تلك الرغبات الانثوية تفيض منهن كفيضان النيل على ضفافه و لكن بدون حب، لو لم تفكري بي كطفل، لكنت حجبت عني كل تلك الرغبات منهن و ذلك لمعرفتي انها على المدى البعيد ستحطم داخلي جوانب كثيرة سيصعب علي اصلاحها لاحقآ، لو كنت نظرتي الي يومآ واحدآ كرجل، ما امضيت معظم ايامي في غرفتي بين العاب الفيديو و مسلسلات الانمي، لكنا خرجنا معآ و لكنا تجولنا في شوارع بحري و يدك الصغيرة في يدي، لربما ذهبنا الي النيل و لربما اشترينا بعض الخبز لنطعمه الحمام في أتني، او لربما ذهبنا ابعد من ذلك بكثير، لربما اخذتك الى مكان بعيد اشبه بتلك الاماكن التي نراها في سناريوهات السينما الهندية، مكان مليئ بالعشب حيث اسند ظهري على شجرة مخضرة، فيما تضعين رأسك فوق ساقي و معنا قطة بيضاء كتلك القطة التي تربينها في بيتك، حيث تنام في حجرك و تتخلل اصابعك شعرها فيما تتخلل اصابعي انا شعرك الطويل، و نحن نراغب المغيب، لو كنت ترغبين بي كما كنت ارغب بك، ما كان سيكون قلبي على هذه الحالة من الإنطفاء و ما كانت علاقتي بك ستكون علاقة ضبابية البرود و كنت سأكون مكتفيآ بك و عيني مليئة بتوهجك.
إرسال تعليق