انني لا اكتب و انا في مزاج جيد، لا اكتب بعد لقاء جميلة انيقة في محاولة مني لسرقة انتباهها، لا اكتب حين تكون صداقتي مع الحياة قوية، لا اكتب حين تمر ايامي حزينة و مثقلة لكاهلي، كما انني لا اكتب وسط هذا الروتين الممل و هذا الفراغ الذي لا يمكن سد فجوته السوداء.
و ها انا الان اكتب هذه الكلمات دون ان ادري السبب، و لكنه نوفمبر الجميل، الشتاء الذي يحتضن اجسادنا، ايام الغفران و المحبة و التسامح، شهر التجاوز و الحب و الكتابة، النضج البطيء لقصص الحب و الدواء السريع المنعش لجذورها، شهر الندم و التذمر و الملل، نوفمبر هو الهزيمة التي انتظرناها برائحة لياليه المنتصرة على دواخلنا، انه طفل العام المشاغب الذي يحب اللعب و اللهو مع الخذلان القديم، مع الحطام و بقايا الحنين، فنعاقبه بالتجافي و التجاهل.
ربما السبب ليس نوفمبر، ربما عدت لأكتب من جديد لكي أحكي لك عن كل الاشياء التي لا يمكن التلفظ بها، اشياء محزنة و اخرى مقلقة، احاسيس مبعثرة و حقائق مظلمة، نيران متقدة على قلب متجمد، سأحدثك عن كل شيء دون استثناء، دون خجل و دون تواري، من الارتياح حتى النظرات الغير لائقة، من الطهر حتى القبح، و من القبح حتى الجمال، ستكتشفين انك تقتربين و تبتعدين و انا ابتعد و اقترب، انك حاضر تداوم في قلبي و لكن بدون دم ينعش نبضه، ستعرفين انك دومآ الوصول في كل معانيه و انني الطريق المعاكس، ستعرفين انك افضل القرارت و لكن في ذات الوقت اقساها، كنت اعلم و لكنك لا تعلمين، أعلم كل شئ و نقيضه، اعلم انك كنت تحاولين ان تعرفي ما لا تعلمين، كأنك الفضول في حد زاته و كنت تظنين انني كلام مؤجل، صفحة في كتاب قررت ان تتجاوزي قراءتها الى الوقت الذي تنتهين منه، لكن لا بأس، سأكتب لك كل شيء، انت بحاجة لأن تفهمي ماذا كنت اقصد، و الآن دعيني ابدأ من البذرة الاولى التي انبتت برعمآ اسود، اعني دعيني ابدأ بالحديث عن الذبول و الأشياء التالفة.
إرسال تعليق